لَيس عيداً بل مأتـم يـا صحابِـي
فاملأوا الكأس إن أردتـم عذابِـي
إشربوا الـرَّاح يـا ندامـى هنيئـا
ودعونِي أحسـو مريـر الصـابِ
إنَّ شدوا الأوتار يشجـي فـؤادي
وتثير الأسـى كـؤوس الشـرابِ
يا رفاق الصِّبا دعونِي فـلا يُجـدي
فَتيـلاً لومـي كفانِـيَ مـا بِـي
أنا روح تنوح طـورا علـى الأرضِ
وطـوراً علـى متـونِ السحـابِ
أنا فِـي هـذه الحيـاة غـريـبٌ
بائـس تـائـه وراء الـضبـابِ
أنا فِي الحـبِّ يـا رفاقـي شقـيّ
وسعيـدٌ وا فـرحتِـي واكتئابِـي
أنا صديـان يـا لتعـس نصيبِـي
أنا سهـران يـا لطـول انتحابِـي
أنا ولهـان مـن لقلبِـي وروحـي
أنا حيـران يـا أولـي الألبـابِ
أنا سكـران مـا شربـت مدامـا
فاسألـونِـي وأنصتـوا لِجوابِـي
يا رفاقي لا تَحفـروا لِـي إذا مـا
متّ شوقـا قبـراً بقفـر يبـابِ
احفروا لِي قبرا على شاطىء البحـر
لَعـلَّ الأمـواج تبكـي شبابِـي
وادفنونِي بيـن الصخـور عسـى
يهدأ روعي وثورتِـي واضطرابِـي
يا صخور الشاطي بِربِّـك إن مـرَّ
علـى مـرقـدي هنـا أحبابِـي
خبّريهم عمّـا لقيـت مـن الهـمَّ
وشـتَّــى الآلامِ والأوصــابِ
ساءَهم أن أعيـش صبّـا أناغيهـم
شعـاري الـرقـاق الـعـذابِ
وأنـا شـاعـر خلقـتُ لأشـدو
لأتلو القـرآن فِـي المِحـرابِ
فهـل الحـبّ والتـغـزّل ذنـبٌ
واضيـعـة المـنَـى والرغـابِ
فـلأمـت فِـي سبيلهـم ناعـم
بال لعلّي أرتاح تَحـت التـرابِ
يا ليالِـي الصيـف الجميلـة قـد
عدت فأين الصِّبا وأيـن التَّصابِـي
أين بنت الكـروم أيـن حبيبِـي
أين كأسي بل أين منِّـي صحابِـي
كم تعلَّلت بالأمانِي وهـل يشفـي
غليـل الظمـآن لَمـع السَّـرابِ
سائلي الرَّملَ والصخـور ومـوج
البحر عنِّـي يـا منيـة الأتـرابِ
أنا حطّمت رغـم أنفـي يراعـي
يا لِحزنِي وقـد طويـت كتابِـي
ثمّ كسّرتُ بعـد ذلـك إبريقـي
وعـودي ولَـم أدع أكـوابِـي
يا صحابِي ويلاه استأسد الثعلـب
واستنعـجـت أسـود الـغـابِ
والهزير الـهصور أصبـح كبشـا
خاضعـا رغـم أنفـه للكـلابِ
وقضـى نَحـبـه هـزاري لَمَّـا
أصبح الـروق مسرحـا للغـرابِ
وجنـاح الحيـاة منِّـي مهيـض
وجوادي فِي حلبة السبـق كابِـي
يا صحابِي والدَّهر قد رفـع العبـدَ
وسـام الأحـرار سـوءَ العـذابِ
بعدما طارد الـرُّؤوسَ وأقصاهُـم
وغـصَّ الـمـيـدانُ بالأذنـابِ
للشاعر الكويتي :فهد العسكر